المناخ ينهار والفقراء يدفعون الثمن، وتغير المناخ المتهم الرئيسي وراء زيادة حوادث الطيران
الثلاثاء 28 مايو 2024
الأمين العام للأمم المتحدة: المناخ ينهار والفقراء يدفعون الثمن
وصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، يوم الإثنين، أزمة المناخ بـ"الخيانة البشعة" للأجيال الشابة، محذرا من إنهيار المناخ على كوكب الأرض، داعيا للتحرك الفوري قبل فوات الأوان. وقال غوتيريش عبر حسابه على موقع التواصل الإجتماعي إكس: "مناخنا في حالة إنهيار، والفقراء يدفعون الثمن، وهذا ظلم يحبس الأنفاس". وأضاف الأمين العام للأمم المتحدة أن أزمة المناخ "خيانة بشعة للأجيال الشابة"، معقبا "يتعين على الحكومات أن تتبنى سياسات قوية لتسريع التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري على مستوى العالم والإنتقال العادل إلى الطاقة النظيفة". وكان برنامج الأمم المتحدة للبيئة قد قال في وقت سابق من مايو الحالي أن الجفاف والتصحر وتدهور الأراضي كلها تشكل تهديدا متزايدا للإنسانية، مشيرا إلى أن الأوان لم يفت بعد للعمل. ودعا البرنامج الشباب إلى "الإنضمام إليه، وأن يكونوا جزءا من جيل الترميم لحماية كوكبنا ومستقبلنا المشترك". وكان الأمين العام للأمم المتحدة قد حذر في مارس 2024 من أن "كوكبنا يغرق تحت سيل من القمامة، والإفراط في الإستهلاك يقتلنا، والإنسانية تحتاج إلى تدخل، ويجب علينا أن ننهي دورة النفايات المدمرة إلى الأبد".
عواقب الغازات الدفيئة
وإزاء عواقب هذه الأضرار، أوضح غوتيريش مع تحلل النفايات، فإنها تنفث الغازات الدفيئة المسببة للإحتباس الحراري في غلافنا الجوي وتسمم مياهنا وتربتنا، وتتسبب في المرض وحتى الموت بين الناس في جميع أنحاء العالم. ودعا الأمين العام للأمم المتحدة المجتمع العالمي إلى "أن يقف صفا واحدا، وأن يعمل على التوصل إلى معاهدة ملزمة قانونا لإنهاء التلوث البلاستيكي".
أضرار بتريليونات الدولارات
والشهر الماضي، أفادت دراسة بأن التغيرات المناخية ستؤدي إلى تقليص الناتج المحلي الإجمالي العالمي في 2050 بحوالي 38 تريليون دولار أي نحو 20%، بغض النظر عن قوة الجهود التي قد تبذلها البشرية لخفض إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون الموجودة في الغلاف الجوي. ووفق ما ذكر الباحثون في دراسة نشروها في مجلة "نيتشر" أن خفض إنبعاثات الغازات الدفيئة بأسرع وقت أمر أساسي لتجنب المزيد من التبعات الإقتصادية المدمرة بعد 2050. وتظهر الدراسة أن التداعيات الإقتصادية الناجمة عن تغير المناخ قد تزيد عشرات تريليونات الدولارات سنويا بحلول العام 2100 إذا إرتفعت درجة حرارة الكوكب بشكل ملحوظ بما يتجاوز درجتين مئويتين فوق المستويات المسجلة منتصف القرن 19.
الإيرادات العالمية من تسعير الكربون بلغت أكثر من 100 مليار دولار في 2023
قد يكون تسعير الكربون أحد أقوى الأدوات المتاحة لواضعي السياسات لتحفيز خفض الإنبعاثات في إطار مجموعة متكاملة من السياسات العامة. وقبل عقد من الزمن، لم تكن سياسات تسعير الكربون تغطي سوى 7% من الإنبعاثات على مستوى العالم، أما اليوم فإن هذه الأدوات تغطي ربعها تقريبا. وهناك ما يدعو إلى التفاؤل مع إستمرار التطور والنمو الذي يشهده تسعير الكربون وأسواقه، وأيضا مع تطبيق خطط وأدوات جديدة أدت إلى بلوغ الإيرادات رقما قياسيا قدره 104 مليارات دولار في عام 2023. كما أن من المبشر أن الإيرادات التي جمعت تم تخصيص الجانب الأكبر منها للبرامج المتعلقة بالمناخ والطبيعة. و في تقرير صدر مؤخرا بعنوان "أوضاع وإتجاهات تسعير الكربون لعام 2024"، ذكر البنك الدولي أن الإيرادات العالمية من آليات تسعير الكربون تجاوزت 100 مليار دولار خلال العام الماضي، لكنه أشار إلى أن هذا المستوى لا يزال غير كافي لتحقيق أهداف إتفاق باريس. وقبل عقد من الزمن، لم تكن سياسات تسعير الكربون تغطي سوى 7% من الإنبعاثات على مستوى العالم، أما اليوم فإن هذه الأدوات تغطي ربعها تقريبا. وإرتفع العدد الإجمالي للأدوات التي تم تطبيقها، واليوم هناك 75 أداة لتسعير الكربون قيد الإستخدام - مع الجهود التي بذلت مؤخرا في أستراليا والمجر وسلوفينيا والمكسيك وتايوان والصين.
ضرائب الإنبعاثات
وقال البنك أن إيرادات أسواق الإمتثال لمعايير الإنبعاثات الكربونية بلغت 104 مليارات دولار في عام 2023، وأن سياسات تسعير الكربون باتت تغطي 24% من الإنبعاثات العالمية، إرتفاعا من 7% فقط قبل عقد من الآن. وأوضح أن ضرائب الإنبعاثات الكربونية، وأنظمة تجارة الإنبعاثات الموجودة في الوقت الراهن قادرة على رفع نسبة التغطية إلى قرابة 30%، لكن الأمر سوف يتطلب إلتزاما قويا على الصعيد السياسي. وتابع أن مستويات أسعار الإنبعاثات، سعر طن الكربون، ما زالت غير كافية للوصول إلى مستهدفات إتفاق باريس، وأن أقل من 1% من الإنبعاثات العالمية من الغازات الدفيئة تخضع لسعر مباشر للكربون يلبي أو يتجاوز النطاق الموصى به من قبل اللجنة رفيعة المستوى المعنية بالتسعير. وأصبحت هذه السياسات قابلة للتكيف بشكل متزايد مع السياقات الوطنية والقطاعات الجديدة. وتحقق البلدان الكبيرة متوسطة الدخل، ومنها البرازيل والهند وشيلي وكولومبيا وتركيا، تقدما ملحوظا نحو تنفيذ أنظمة تداول تراخيص إطلاق الإنبعاثات.
مساهمة الكهرباء والصناعة
وفي حين لا يزال قطاعا الكهرباء والصناعة يشكلان الجزء الأكبر من القطاعات التي يغطيها تسعير الكربون، هناك أيضا أوجه تقدم في قطاعات أخرى، مثل الطيران الدولي والشحن والنفايات. كما تسعى بلدان مثل الصين وفيتنام وتايلند وسنغافورة جاهدة إلى تحقيق التكامل بين سياسات تسعير الكربون وأسواقه عن طريق تضمين أطر أرصدة الكربون في مجموعة سياساتها. ويمكن أن يساهم هذا النهج في تدعيم أدوات التسعير المحلية وأن يساعد مؤشرات أسعار الكربون على الوصول إلى القطاعات غير المغطاة. وعلى الرغم من الإتجاهات الإيجابية التي أوجزها تقرير هذا العام، فإن زيادة الأسعار وتوسيع نطاق التغطية سيكونان من العوامل الضرورية لفتح الباب أمام إمكانات تسعير الكربون. وبحسب المديرة العالمية لشؤون تغير المناخ بالبنك الدولي، جنيفر سارا، سوف يتطلب هذا الأمر إلتزاما سياسيا، وأطرا عالمية أقوى، وإطلاق المبادرات لتبادل أفضل الممارسات التي يمكن أن تساعد في دفع عجلة الطموح. وتشير إلى أن الوقت ليس في صالحنا لأن البلدان ستحتاج إلى التحرك بشكل أسرع لقلب منحنى الإنبعاثات بشكل حاسم وحماية كوكب صالح للعيش فيه.
تغير المناخ المتهم الرئيسي وراء زيادة حوادث الطيران
لم يكن حادث تحطم مروحية الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، الأول في حوادث الطيران فقد لقي العديد من الرؤساء والسياسيين البارزين حول العالم مصرعهم في مثل هذه الحوادث. وبعد الحادثة التي أدت إلى مصرع الرئيس الإيراني حصلت حوادث أخرى بسبب تقلبات الطقس لكنها أقل مأساوية. وآخرها حادث طائرة تابعة للخطوط الجوية السنغافورية في رحلة قادمة من لندن قد تعرضت، يوم الثلاثاء الماضي، إلى مطبات هوائية شديدة أدت إلى وفاة شخص وإصابة 31 آخرين. كما أعلن مطار دبلن، يوم الأحد الماضي، عن إصابة 12 شخصا كانوا على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية القطرية متجهة من الدوحة إلى إيرلندا، بسبب موجة من الإضطرابات الجوية، مضيفا أن الطائرة هبطت بسلام كما كان مقررا. وبنتيجة التحقيق بهذه الحوادث، المتهم الأساسي هو الطقس والتقلبات المناخية التي لا يمكن التنبؤ بها سوى بنسبة 75% بمساعدة أدوات التكنولوجيا الحديثة. وتعد المطبات الهوائية واحدة من أكثر الظواهر الجوية التي لا يمكن التنبؤ بها، وتشير الدراسات إلى أن المطبات الهوائية الشديدة يزداد حدوثها في ظل إرتفاع درجة حرارة الكوكب، فإذا تعرضت طائرة لمطب هوائي، فقد يسبب ذلك إصابات للركاب أو حتى الوفاة، فضلا عن الأضرار التي قد تصيب جسم الطائرات.
في هذا السياق، يقول وزير النقل الأميركي، بيت بوتيغيج، أن تغير المناخ هو أحد الأسباب وراء زيادة إضطرابات الطيران. وقال بوتيغيج في برنامج "واجه الأمة" الذي تبثه شبكة سي بي إس يوم الأحد: "الحقيقة هي أن آثار تغير المناخ قد بدأت بالفعل علينا فيما يتعلق بوسائل النقل لدينا"، وتوقع أن الإضطرابات ستستمر في "التأثير على المسافرين الأميركيين، سواء كانوا هنا أو في الخارج". وأضاف بوتيغيج "لقد رأينا ذلك، بدءا من موجات الحرارة التي تهدد إحصائيا بإذابة كابلات أنظمة النقل في شمال غرب المحيط الهادئ، إلى، كما ذكرت، مواسم الأعاصير التي أصبحت أكثر فأكثر تطرفا". وتابع أن "الإضطراب إرتفع بنحو 15%. وتأتي تعليقات وزير النقل الأميركي في الوقت الذي تسببت فيه الإضطرابات الجوية في إحداث فوضى في عدد من الرحلات الجوية حتى الآن هذا العام. وخلصت دراسة أجريت عام 2024 إلى أن الطائرات تواجه مطبات هوائية جوية متوسطة إلى "شديدة أو أكبر" 68 ألف مرة كل عام، وتعرف المطبات الهوائية بأنها "حركة غير منتظمة للهواء" ناجمة عن دوامات وتيارات عمودية، ويرتبط حدوثها بظواهر جوية مثل الجبهات الهوائية، وتغير في إتجاه وسرعة الرياح والعواصف الرعدية.
ويمكن أن تتسبب المطبات الهوائية في حدوث بعض الصدمات غير المريحة، أو قد تؤدي إلى خروج الطائرة عن نطاق السيطرة، مما يؤدي إلى حدوث "لفات عشوائية وتأرجح وإنعراج للطائرة". ولجأت شركات التصنيع إلى تجهيز الطائرات الحديثة بأنظمة رادار طقس متطورة يستخدمها الطيارون لتحديد المناطق التي تعاني من المطبات الهوائية من أجل تفاديها، ويقول بول ويليامز، عالم الغلاف الجوي في جامعة ريدينغ: "يمكننا التنبؤ بنجاح بنحو 75% من المطبات الهوائية لمدة تصل إلى 18 ساعة". وعلى الرغم من ذلك توجد أنواع عديدة من المطبات الهوائية، بعضها قد يصعب إكتشافه، وغالبا ما يكون المطب الهوائي الشديد الذي ضرب طائرة رحلة الخطوط الجوية السنغافورية هو "مطب هوائي واضح" غير مرئي، وقد يحدث ذلك دون سابق إنذار، وهو أحد أكبر أسباب وقوع حوادث الطائرات ذات الصلة بالطقس. وتحدث مطبات هوائية واضحة على إرتفاعات عالية، أثناء تحليق الطائرات في سماء زرقاء تبدو هادئة، ولا يمكن رؤية تلك المطبات بالعين المجردة ولا يمكن إكتشافها بواسطة أجهزة الإستشعار الموجودة على متن الطائرة. وبحسب الخبراء، حتى الأقمار الصناعية لا يمكنها رؤية هذا النوع من المطبات الهوائية، لذا يضطر الطيارون غالبا إلى الإعتماد على أي طائرة تحلق على نفس المسار أمامهم للإبلاغ عن وجود مطبات هوائية واضحة، حتى يتمكنوا من تعديل مسارهم.